الأربعاء، 27 ديسمبر 2017

جديلة لتوصيل الروح

هل أتأخر أحيانا في الرد عليك؟ يوقفني غالبا البحث عن كلمة تليق بك، أشعر أنني أعرفها، قرأتها في مكان ما أو سمعت أحدا يرددها. أنبش رأسي بينما تكون قد تجاوزتني منذ فترة. ولأنني أعرف أنك لم تفكر بشيء سوى مساندة عجزي لا أقدر على الغضب منك. أنت تندفع إلى الأمام بمقدرة طوفان وتحافظ على اتزاني بنظرية غريبة تفترض أن انقلابي بداخلك أمان كاف، لكن أسئلة كثيرة تظل عالقة بلساني عندما ألتقيك وأرغب بسرد مسودات هائلة عليك لحكايات قضيت زمنا طويلاً في استرجاعها وترتيبها، وأضيق جدا بانفلاتك السريع بمجرد رؤيتي وكأن الحياة لا تتوقف عند تفاصيلي التي يمكنني أن أضيف لها بشكل دائم أنه ربما كان بمقدوري أن أحرقك تماما، لكنني لا أخفي إيماني بنظريتك الغريبة وأنني عندما أرغب بنقل الحكايات إليك سأضع لساني في فمك مباشرة..

       * ---- * ---- * ---- *

هذا ما يحدث..هند تكتب القصة كعمل مختلف تفلت به من وطأة هموم المكتب والأستاذ المحامي والشكائين الذين لا نهاية لاضطهاداتهم؛ ولذلك فهي تنظر دائما إلى مطولات المرافعات التي تكتبها على جهاز الحاسب الآلي نظرة متصيدة؛ فهنا..وهنا فقط يمكنها العثور على جملة للبداية . كثيرا ما حدث هذا والآن يحدث...
المرافعة تقول... إن المتهمة لم تبد انزعاجا هيستيريا عندما شاهدت زوجها مقتولاً لأن عملها كممرضة جعلها تعتاد رؤية الموت...
وهند تكتب:
عدة أشياء لا حساب لها ربما تؤثر في علاقة جميلة مثل علاقة نهى ووليد والشيء المؤكد أن نهى تعرفها ولا تعرف طريقة مباشرة تقولها بها لوليد ليفهم الآن ويتركها ترحل في هدوء.
أشياء تفكر هي فيها مثل عدم ارتياحها لحديثه عن الأخطاء التي لا يصح أن يرتكبها المؤمن، وأن بعض التقاليد المزعجة قد تكون هي عين الصواب، وتريد أن تخبره أن هذا الكلام يبدو كمقدمة معقولة
لمطالبتهما بعد شهور من هذه العلاقة بالتوقف لأن المجتمع لا يسمح، لكنه إن استنكر تأويلها لكلامه فلن تجد ردا سوى أن أحدهم قال مثل ذلك ثم انقلب في حمى التقاليد وتزوج فتاة أخرى، وهي بهذا ستخسر كثيرا. هي الآن مثل الممرضة اعتادت رؤية هذا الموقف فلا داعي للصراخ، ولذلك فإن نهى تفكر في شيء آخر يبرر توترها ورغبتها في الرحيل بسرعة؛ فتبتسم إبتسامة كسولة وتضع مرفقها فوق الطاولة وتستند بذقنها على يدها فتكون أقرب لوليد الذي يبدي استجابة سريعة جدا ويقول بدون تردد: -
- إنتي جميله قوي النهارده..
ويمد يده محاولا ملامسة وجهها فتبتعد وتنظر إلى الأرض وتتمتم:-
- يا أخي..الناس.
فيقول وليد:-
- طب ياللا بينا..

لابد أن تمسك بيده الآن، هي فعلت ذلك لكنها على الأقل غادرت (الكافيتيريا) وتستطيع العودة إلى المنزل لتعالج مشكلة أنوثتها المتكررة والتي لا يعرف وليد عنها شيئا، فيضغط يدها برفق ثم بقوة مما يضاعف إحساسها بـ (القرف) وتجاهد لتبحث عن كلمة ترد بها على سؤاله الأخير فلا تجد. وتتمنى لو يستطيع أن يشعر بها بدون كلام.

          * ــــــــــــــــــ *

هند تنظر إلى القصة وتكتب في هامشها:-
إلى حبيبي:
            ...كنت عاوزاك تعرف إن أنا بأتوتر بسرعه، محطات القلب المفتوحه بتتحول لمطبات وكام وقعه سخنه ممكن يدغدغوا قلب انكسر من زمان. صحيح ممكن القلب يتملا، بس طاقة الألم باب موارب دايما لإن الصرخه الأولانيه واللي بتبقى حاكماه  زيّ القفل فلتت وخلاص.
أنا مابقاش الموت يزعجني، بس إنت لازم تتعلم طريقه للسمع من غير ودان.


أميمة عبد الشافي       

   الإسكندرية

ليست هناك تعليقات: