السبت، 23 أغسطس 2008

أفكـــــــــــارٌ طــارئـــــــــــــــة


       لم تكن المسافة طويلة، لكن الغرق في أفكار لذيذة هو أفضل ما يميز رحلة العودة إلى المنزل، خاصةً وأن كلّ ركاب منتصف النهار يؤثرون الصمت والاسترخاء..
..يجتذبني معهم صوت فتح الباب الصغير لعربة (الميكروباص) التي نستقلها.. تتجه جميع الأعين إلى القادم [هي رغبة أزلية في معرفة المجهول، وإفشاء الأسرار فقط لأنها أسرار] والقادم سيدة تحمل حقيبة منتفخة تتدلى من زاويتها المفتوحة بعض رؤوس الجزر المخنوقة التي تتطلع بلا مبالاة إلي أقدام الناس، وتشي بأن يوما مرهِقا من العمل والشراء قد مرّ على سيدتها؛ لتكون هذه هي آخر استنتاجاتنا عادةً؛ فنصرف أنظارنا عنها، لكنها عندما جلست في مواجهتي حُصرت أفكاري للعودة فيها وحدها، أحببت أن أتساءل في خبث عن رأي الآخرين فيها.. هل يرونها أكثر جمالا مني؟ .. ربما يرى البعض أكثر من كونها سيدة عادية، فمثلا هناك الجينز الأسود الجميل الذي ترتديه، وتبدو فيه أكثر انطلاقا مني في جلستي المتحفظة، وكتب الكلية الأنيقة المرصوصة على ركبتي أحفظ توازنها بأطراف أصابعي وأحس بها الآن تغار من جزراتها.

تابعتها وقتا، وعندما رفعت عيني لأرى وجهها؛ وجدت نظرتها مثبتة على يدي الموضوعة بلامبالاة فوق الكتب، ولاحظت حركة أصابعها البطيئة التي تمر بها على ظهر يدها المتجعد قليلا.


                                                             مارس – أكتوبر 2000    

* نشرت في العدد الأول من مجلة مينا 2005

ليست هناك تعليقات: