الخميس، 16 أكتوبر 2014

تفاصيل وجود عادي


              أنا الصليب القائم بين بوابتي الدنيا ، مادًا ذراعيه باتجاههما يريد الانسحاب أو العودة ، بينما تهبط سماءُ بقربه يوما بعد يوم ؛ لتعيد ما كبر منه وتدا حبيسا في رحم أرضي يصلح لدفنه عندما يمّل التطاول ، بينما سماؤه تقترب ...

لن يستطيع أحد ما أن يغريك بالدخول لو لم تر طاقة الباب الآخر تداعب فكرة هروبك في وقت ما ، ولم تعد تجدي الحيل القديمة مثل اكتشاف ما وراء الباب ، أو إغماض عينيك في دخولك الأول ... أظن أنه من الممتع فعلا رؤيتك تدخل برغبتك الكاملة ، وعيونك مفتوحة باتساع قدرة الكون على خداعك .

عند الخطوة الأولى – و التي يدهشك أنها تزرعك حيث كان يجب أن تكون ، مع أنها لا تتماثل أبدا بين الأفراد – تبدأ بمد ذراعيك في كلا الاتجاهين ، ولا تتذكر كيف فعلت هذا ، وتبقى فقط ابتسامة السعادة المرسومة على الوجوه ، هذا طبعا حينما كان الوجه يحمل ملامحا تستطيع معها رؤية ابتسامة ، أما ما يتردد عن سقي الأرض بدموع الأفراد فهو غير أكيد حيث لم تحدد أي عيون ، و لم يقدر واحد أن يرى بوضوح خلال غيمة شفافة يحكون عنها .

عند الدقة الأولى فوق رأسك ستظن أن بالأمر خطأ ما ، وأن جارا غبيا قد نام في فضاء عالمك ، ولأنك لن ترفع رأسك لترى ، ستظل تظن ، وعندما تأتي الدقة الثانية سيساعدك الصداع الناتج على تشويش أفكارك أكثر ؛ لتصدق في النهاية أن السماء تهبط باتجاهك . لن تعرف طبعا أنك تُدَّق في الأرض إلا بعد أن تجد أن الامتداد الأفقي لذراعيك يمنحك قبرا عريضا ، لا يضايقك فيه جيران ، وبسبب العتمة الشديدة لن ترى ما يسوءك ، ولن أضايقك بإخبارك عن اللعبة التي يمارسونها بأسفل ؛ ليقنعوك أنك وحدك ، بينما أحدهم يقترب منك بشدة ، لكنك تفقد الإحساس بوجوده .


الآن أملك قبرا أرضيا ، وكذبةً بأن المكان يتسع لي وحدي – و هي تجعلني راضيا – كما تختفي البوابتان اللتان كانتا تعذبانني ، ولهذا .. فالآن .. أنا الصليب المدفون وحده .. أعترض .


                                                                                                                           ينـــــــايــر 2002


ليست هناك تعليقات: