أنا الصليب القائم بين بوابتي الدنيا ، مادًا ذراعيه باتجاههما يريد الانسحاب أو العودة ، بينما تهبط سماءُ بقربه يوما بعد يوم ؛ لتعيد ما كبر منه وتدا حبيسا في رحم أرضي يصلح لدفنه عندما يمّل التطاول ، بينما سماؤه تقترب ...
لن يستطيع أحد ما أن يغريك
بالدخول لو لم تر طاقة الباب الآخر تداعب فكرة هروبك في وقت ما ، ولم تعد تجدي
الحيل القديمة مثل اكتشاف ما وراء الباب ، أو إغماض عينيك في دخولك الأول ... أظن
أنه من الممتع فعلا رؤيتك تدخل برغبتك الكاملة ، وعيونك مفتوحة باتساع قدرة
الكون على خداعك .
عند الخطوة الأولى – و التي
يدهشك أنها تزرعك حيث كان يجب أن تكون ، مع أنها لا تتماثل أبدا بين الأفراد –
تبدأ بمد ذراعيك في كلا الاتجاهين ، ولا تتذكر كيف فعلت هذا ، وتبقى فقط ابتسامة
السعادة المرسومة على الوجوه ، هذا طبعا حينما كان الوجه يحمل ملامحا تستطيع
معها رؤية ابتسامة ، أما ما يتردد عن سقي الأرض بدموع الأفراد فهو غير أكيد حيث لم
تحدد أي عيون ، و لم يقدر واحد أن يرى بوضوح خلال غيمة شفافة يحكون عنها .
عند الدقة الأولى فوق رأسك ستظن
أن بالأمر خطأ ما ، وأن جارا غبيا قد نام في فضاء عالمك ، ولأنك لن ترفع رأسك
لترى ، ستظل تظن ، وعندما تأتي الدقة الثانية سيساعدك الصداع الناتج على تشويش
أفكارك أكثر ؛ لتصدق في النهاية أن السماء تهبط باتجاهك . لن تعرف طبعا أنك
تُدَّق في الأرض إلا بعد أن تجد أن الامتداد الأفقي لذراعيك يمنحك قبرا عريضا ،
لا يضايقك فيه جيران ، وبسبب العتمة الشديدة لن ترى ما يسوءك ، ولن أضايقك
بإخبارك عن اللعبة التي يمارسونها بأسفل ؛ ليقنعوك أنك وحدك ، بينما أحدهم يقترب منك
بشدة ، لكنك تفقد الإحساس بوجوده .
الآن أملك قبرا أرضيا ، وكذبةً
بأن المكان يتسع لي وحدي – و هي تجعلني راضيا – كما تختفي البوابتان اللتان كانتا
تعذبانني ، ولهذا .. فالآن .. أنا الصليب المدفون وحده .. أعترض .
ينـــــــايــر 2002
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق