الخميس، 16 أكتوبر 2014

تفسير جاد لكائن عابث




      سأعتبر أن الأرصفة أماكن ملعونة، و أن أيام الجُمَع الربيعية مليئة بالمطر، سأفكك حروفنا، وأقذفها بعيدا جدا، ربما أبعد مما تسمح به ذراعي؛ لأن رغبات انفلاتنا ضمت وحدها قوى جبارة، عندها ستبدأ صورتك في الذوبان مخلفة بحرا جيلاتينيا يبعث بروائح غريبة، تملؤني نشوة ورغبة في دخول ليال طازجة، أهتم فيها فقط بديك الصباح [ككائن وحيد يعرف صناعة النهاية، ولا يكترث كثيرا للاستمرار] 

سأبدأ مجددا من عبثي الأزلي، وأتجاهل تماما كيف خانتني قدرتي عليه إلى هذه الدرجة تاركةً لي الكثير من الكلمات القديمة، ومساحات من الوفاء تلائم ملكا عجوزا قد يرفض فقط ألاعيب الصغار، خصوصا أنني اقتصدت في ترتيب النقاط لافتعال القدرية، ولم أعلق سوى بأن الحب هو القدرة الكونية الوحيدة التي تعطي معنى لكل التراكيب الكلاسيكية، وتسرق من الحكم ألقها، وتتركنا لنصنع حكمتنا الخاصة [وقتها كان لابد من تبرير حاذق لكل هذه الروتينية في ترتيب الصدف، واستمتاعي الغريب بعبارات تاريخية] فهل مازال عبثي صالحا كسبب طيب لبناء قصيدة أخرى تحمل هزيمة مؤثرة؟


قلت له: لن تنال قلبا جادا، فمعظم الأسماء أنساها عند الصباح؛ فأخبرني بفلسفة كتلك التي تناسب "الثانوي" أن ثمة أمور تفرض وجودها بعيدا عن طاولات اللعب، وأن أجمل الحكايات بدت في البداية كرد فعل خاطيء وخارج عن القياس؛ فافترضت أنني لست في حاجة إلى حماية كلامية، وفتحت قلب المدينة الأزرق وأهديته سرا صغيرا وغير زائف.


هل تعرف كيف تذيب شموع المولود الصغيرة؟ بعيدا عن عيني أمك أشعِل عودا من كبريت، وقربه من الشمعة تماما من حيث تظن أنها لن تحترق [لا تتجاهل ما تتركه الشمعة في الفضاء الضيق بغرفتك] فهذا الملتصق بالأرض، حائل اللون، صعب الإزالة، هو ما تخلفه الحكايات خصوصا تلك التي تبدأ بفلسفاتٍ تقنعك أن العالم ليس كما تظن؛ لتجد نفسك منتهيا بمنطق يناسب كائنا ثقيل السمع كديك الصباح، وبعضٍ من أوزار عليك تحملها، والأسوأ دوما وجع خانق يلزمك بالامتنان لدعواك العبث؛ فلا يستطيع أي فرد احتساب الحكاية عليك.


                                                           مـــــــارس 2002



ليست هناك تعليقات: